مقالات

على المقلب الآخر.. الجزء “21”.. العرب في جزيرة مرغريتا.. “حزب الله” الى الواجهة مجدداً

الكاتب الزميل عبد الناصر طه وخلفه جزء صغير من الجزيرة

خاص “المدارنت”..

معزوفة قديمة يتجدد سماعها بين الحين والآخر، أو كلما دعت الحاجة الأميركية، وليس في الأمر أي جديد”؛ هكذا يجيب كل عربي من أبناء الجالية، عند سؤاله عن تصريحات وزير الخارجية الأمريكية (مايك بومبيو) الأخيرة، وعن تصريحات بعض النواب الفنزويليين من أحزاب معارضة لحكم الرئيس الحالي( نيكولاس مادورو ).

والواقع أن تلك التصريحات بدأت منذ العام 2008، إبان حكم الرئيس الراحل هوغو شافيز؛ وقد تصدى لها آنذاك مجموعة من أبناء الجالية العربية المهتمين بالشأن العام، من لبنانيين وسوريين، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، حسب ما أفادنا السيد (يوسف زعبوب)، رئيس النادي الإجتماعي العربي الفنزويلي في جزيرة مرغريتا، وقد كان في طليعة المتصدين لحملات التضليل الإعلامية.

من اجمل شواطىء العالم وانظفها

وجزيرة مرغريتا، التي يطلق عليها لقب “لؤلؤة الكاريبي”، نظرا لوقوعها على ضفاف البحر الكاريبي، ولشدة جمالها، هي تابعة لدولة فنزويلا، في مساحة 1072 كلم مربع، وعدد مواطنين يقارب 700 ألف نسمة، وتبلغ نسبة العرب فيهم 1%، يعمل معظمهم في تجارة الجملة والمفرق؛ وبدأ العدد بالإنخفاض أثناء اشتداد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد منذ العام 2014، مع تسجيل عودة بطيئة، هذا العام، لمن غادر في السنوات السابقة، بعد تدهور الأوضاع في سوريا ولبنان، إضافة الى تحسن تدريجي في فنزويلا بعد إفساح المجال أمام المواطنين للتعامل بالدولار الأميركي دون قيود.

ينحدر الإغتراب اللبناني في الجزيرة من مناطق مختلفة من لبنان، أبرزها البقاع الغربي والجنوب، وقلة من المناطق الاخرى؛ أما الإغتراب السوري، فمعظمه من منطقة السويداء، مع وجود فاعل لقلة من أبناء الساحل؛ مع الإشارة إلى وجود عدد قليل من الفلسطينيين.

وتتوزع انتماءات المغتربين حسب المناطق التي أتوا منها،وهم صورة مصغرة عن الأهل، ولا وجود لخلافات سياسية أو اجتماعية، أو ما شابه بين أبناء الجالية بكل أطيافهم، والسمة الغالبة على الجميع هي احتراف التجارة على أنواعها، والأعمال الحرة، بحثا عن حياة حرة كريمة.

والجميع مطبوعون بعلاقات أقرب ما تكون إلى القروية، من لقاءات دائمة أثناء النهار، وسهرات عائلية وشبابية في نواد وجمعيات عربية، غلب عليها الطابع المناطقي، مثل: نادي غزة، ونادي بعلول.

اسماعيل عبد الهادي، تامر المجذوب، محمد رجب، عبد الكريم أبو جخ وابراهيم علي مراد

وفي وسط المدينة، أمام محل وفرن السيد تامر المجدوب، التقيت مع مجموعة من مغتربي بلدة “غزّة” البقاعية، وكان حديث الساعة، ما تروج له وسائل الإعلام المعارضة، وما يصدر من تصريحات لمسؤولين أمريكيين، حول إرهاب مزعوم في جزيرة مرغريتا؛ وما يصدر من ردات فعل من أبناء الجالية العربية، تارة بالشجب والاستنكار وتارة أخرى بالسخرية والاستهزاء، نظرا للكذب الاعلامي الواضح والاتهام الباطل؛ متسائلين عن الهدف الحقيقي من حملة التحريض ضد الوجود العربي في جزيرة مرغريتا خاصة، وفي فنزويلا عموماً.

وفي سعينا إلى الإحاطة بالموضوع من كل الاتجاهات، التقينا الحاج قاسم طيجن رئيس “التجمع الإسلامي الفنزويلي”، وهو  أكبر مؤسسة ذات طابع عربي في جزيرة مرغريتا؛ وتحدث بإسهاب عن أوضاع المغتربين العرب فيها، في عصارة تجربته الطويلة في العمل العام، خلال أربعين عاما.

وخلال استعراضه الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها فنزويلا، أشار إلى “قيام أبناء الجالية بأدوار فعالة على الأصعدة كافة، ودخولهم معتركات العلوم والطب والهندسة، والمشاركة في العمل السياسي العام، ناهيك عن تنظيم حملات موسمية، لتوزيع مساعدات مادية وغذائية للمحتاجين والفقراء في الأحياء الشعبية، ما يترك انطباعات حسنة لدى المواطنين الفنزويليين تجاه أبناء الجالية العربية”.

الحاج قاسم طيجن وإمام مسجد مرغريتا الشيخ عاطف قنديل

أمّا ما يحكى عن الإرهاب العربي المسلم في الجزيرة، يؤكد قاسم أن “صفة الإسلام المعتدل تنطبق على عموم المغتربين  ولا وجود لأفكار متطرفة بينهم، في وقت يقوم معظم الشباب بواجباتهم الدينية، ويضعون نصب أعينهم العمل والكفاح من أجل مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم في الاغتراب والوطن، وذلك مدعاة فخر واعتزاز”.

وما الإرهاب سوى دعاية ممجوجة، فالدولة موجودة في الجزيرة بكل أجهزتها الإدارية والعسكرية والامنية،وتحيط  بكل شيء نظرا للمساحة الصغيرة للجزيرة، ولم يصدر عن السلطة في الجزيرة أي إتهام لعربي او مسلم بالإرهاب، في ظل تناوب السلطة الحاكمة فيها بين الحزب الاشتراكي الحاكم وأحزاب المعارضة.

ولا أثر لوجود تيارات إسلامية متطرفة في عموم الأراضي الفنزويلية، وكل ما نسمعه منذ العام 2008 ميلادي ما هو إلا إشاعات تسيء إلى سمعة الجالية العربية، في وقت نحن بأمس الحاجة إلى تحسين ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية؛ علماً أن سفراء دول متعددة، ومنهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية، دأبوا على زيارة الجزيرة والتقوا بالمسؤولين هنا، والتقينا بهم، ورأوا بأمّ أعينهم كذب ما يكتب ويقال عن الإرهاب العربي المسلم”.

مركز الإمام المهدي في منطقة “الأسبينال”

للتذكير، فالتجمع الإسلامي في جزيرة مرغريتا، لديه أوقاف كثيرة، منها مدرسة تدرس المنهج الفنزويلي، وتستقبل التلاميذ من عمر سنتين إلى صف البكالوريا،ومصلّى مساحته 1800 متر مربع، وقطعة أرض في وسط المدينة، مساحتها 12 ألف متر مربع، سيقام عليها مركزا اسلاميا يتضمن مسجدا ومكتبة وملاعب رياضية ومجمعا تجاريا؛ ومن توابع الوقف أيضا مقبرة خاصة للمسلمين بمساحة ٣٠ الف متر مربع.

وفي لقاء خاص مع الحاج غسان المقداد، أحد مؤسسي مركز الإمام المهدي، في منطقة “الأسبينال”، أعادنا بالذاكرة إلى العام 1996 ميلادي، حيث نشرت صحيفة “الناسيونال” في كاراكاس تقريرا “زعمت فيه وجود إرهاب عربي مسلم في فنزويلا، وتحديدا في منطقة “ماكاناو” في جزيرة مرغريتا، بقلم الصحفية المعارضة “باتريسيا بولاو”؛ وما لبث أن تبين زيف التقرير بعد الاطلاع الميداني على المنطقة من جانب الدولة الفنزويلية ومراقبين دوليين”.

وأضاف الحاج غسان، أن “تلك الصحفية الموجودة في أميركا اليوم، لا تتوانى عن نشر مثل تلك الأكاذيب بين فترة وأخرى، وتوزع تقاريرها على مجموعة من وسائل إعلام عالمية تدور في فلك السياسة الأميركية”.

وعن وجود حزب الله في فنزويلا، نفى الحاج “أي وجود تنظيمي أو عسكري نفيا قاطعا؛ مؤكدا في الوقت ذاته على وجود مؤيدين ومناصرين لحزب الله في أوساط الجالية العربية عموما على اختلاف الانتماءات الدينية، مثل وجوده في أوساط الجاليات العربية داخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها”.

وعن طرح موضوع فنزويلا و علاقة “حزب الله” بالحكومة الفنزويلية مجددا، أشار المقداد إلى “محاولة اميركا وحلفائها زيادة منسوب الحصار الإقتصادي على كل من دولتي فنزويلا وإيران، والضغط عليهما بكافة الوسائل للرضوخ للمطالب الاميركية؛ وتوجيه الإعلام العالمي بربط حزب الله بالإرهاب في فنزويلا ما هو إلا جزء من تلك الوسائل، بينما يعلم القاصي والداني أنه لم تسجل في تاريخ العرب والمسلمين في فنزويلا أية حادثة ذات طابع إرهابي؛ وأن كل ما تبثه الدعايات ليس أكثر من إشاعات”.

وما الجديد في الموضوع؟

في التاسع عشر من الشهر الفائت، عقدت في العاصمة الكولومبية، بوغوتا، قمة أميركية، شاركت فيها 20 دولة من اميركا اللاتينية إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تحت شعار “خطورة الإرهاب الدولي”؛ وتمحورت أعمالها حول دور فنزويلا في دعم الإرهاب وخطورة ذلك على القارة، في ربط مصطنع بين المنظمات اليسارية المسلحة المناوئة للحكومة الكولومبية وأبرزها(FARC Y ELN)، وبين “حزب الله” اللبناني؛ وما يضاف إلى ذلك من إدعاءات فارغة المضمون عن نشاط عسكري لـ”حزب الله” في جزيرة مرغريتا، وما رافق ذلك من تصريحات لمسؤولين أمريكيين على راسهم وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، وتصريحات نواب وسياسيين من المعارضة الفنزويلية يقيمون في الخارج، بما لا صحة إطلاقا على أرض الواقع.

=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى